لم تنجح خطط الإصلاح ووقف الفساد والهدر لانعاش الإقتصاد
اللبناني المتهاوي فإرتفاع الدين العام وضعف النمو وقلة فرص العمل والحرب السورية
وعبئ اللاجئين عقدت الأمور كثيراً .كل هذه الأمور اخذت منحى تصاعدي وصعبت حياة
المواطن اللبناني بشكل مباشر وسيء حتى اتى إندلاع الإحتجاجات في 17 تشرين الفائت.
ثم اتت القرارات الضريبية وقد أُوقفت فيما بعد، دفعت
المحتجين الى تلبية الدعوات على مواقع التواصل الإجتماعي مطالبين بإسقاط السلطة
الحاكمة، وهذا ما ادى الى سقوط الحكومة التي لغاية تاريخه لم يتم تكليف رئيس جديد
لها وبالتالي البدء بعملية التأليف.
ثم اتى إقفال الطرقات ومنع الناس من الذهاب الى أعمالهم
والطلاب الى مدارسهم لما يقارب الشهر، كل ذلك زاد الطين بلة في بلد يعاني واكثر ما
يريده هو الإنتاج والعمل فليس بالسلبية تُحل الأمور. فمطالب الحراك مطالب الجميع
ولكن لم نرى حتى اليوم ملف يدرس بجدية اين هي المطالب من الأموال المنهوبة ومنذ
ثلاثين عاماً، لماذا لم يحركوا ساكناً عند سعي احد المسؤولين تحويل 300 مليون
دولار الى الخارج.
المطالب كثيرة والحلول بعيدة فإذا كان المطلوب شل البلد
بالتأكيد نجحوا، إذ كان المطلوب" تطفيش" ما تبقى من مستثمرين فقد
ابدعوا،اما المؤكد إننا على ابواب المجهول ونأمل الا تصل الى فتنة تطيح بالجميع لا
سمح الله.
صحيح ان الوضع لم يكن جيداً ابداً إنما عدم الإستقرار
اوصل بالعديد لفقدان اعمالهم او تقاضي نصف راتب او عدم القدرة على تسديد السندات
المستحقة.
أملنا ورجاؤنا ان تنتهي هذه الغيمة السوداء عن بلادنا
لأننا شعب يستحق الحياة.
عودة الى خطورة الوضع على إقتصاد لبنان فقد بدأت وكالات
التصنيف الإئتماني بتقاريرها لتخفيض تصنيف الدولة، فكل ذلك ناتج عن تحديات وازدياد
ضغط التمويل الخارجي بعد إنخفاض تدفع الودائع.
كما يعاني لبنان من تراجع كبير في الإحتياطي النقدي
القابل للإستخدام في العامين الأخيرين، إذ بلغ 19 مليار دولار في العام 2019،
مقابل حوالي 25 مليار دولار في عام 2018
ويعود تراجع الإحتياطي النقدي الى إنخفاض كبير في ودائع
الأفراد نتيجة عدم الثقة في الإقتصاد المحلي بالإضافة لتراجع الإستثمارات الخليجية
في البلاد.
كل هذه الأعباء تزيد من الأزمة والضغط على الليرة
اللبنانية، ويشير بعض الخبراء الى احتمال الإضطرار لتعويم العملة او تراجع قيمتها
بشكل اكبر خلال الفترة القادمة.
نأمل الا يكون الإقتصاد اللبناني يتجه نحو تكرار أزمة
الديون اليونانية وفقدان السيطرة على سداد خدمة الدين العام في ظل العجز في
الإيرادات وتصاعد معدلات الفائدة على الديون.
بالتأكيد كل هذا الهبوط الإقتصادي سببه حجم الفساد الذي
ينخر بالدولة ومنذ عشرات السنين.
اما في محاولة لدعم اقتصاد لبنان ومنع انهياره كان مؤتمر
" سيدر" في العاصمة الفرنسية باريس حيث حصل فيها لبنان على تعهدات بقروض
تصل الى 10 مليارات دولار وبعضها رهن بشروط معينة او بإثبات مشاريع لإنعاش
الإقتصاد.
ومن اجل انقاذ الوضع يجري الحديث حول تشكيل الحكومة بين
تكنو سياسية او تكنوقراط تضع نصب اعينها خطة انقاذية سريعة عبر مكافحة الفساد
والتصدي له، واستعادة الأموال المنهوبة من خلال قانون الإثراء غير المشروع وعلى
القضاء ان يثبت نزاهته في هذا الموضوع والا يكون فقط حبراً على ورق واستنسابياً لفريق
او طائفة.
والإسراع في التنقيب عن النفط فلبنان امام فرصة ذهبية
لتحويل لبنان الى بلد نفطي وهذا عامل هام للإزدهار.ومن ثم إيجاد حل لمشكلة الكهرباء حيث تكبد الخزينة
اعباء مالية كبيرة فهذا الحل يجب ان يكون حاسماً وعلى كافة الأفرقاء تسهيل حله.
في بداية العام الجديد نأمل ونحن نقف على مفترق مصيري ان
تتكاتف الجهود ليتخطى لبنان هذه الأزمة فسياسة الكيدية والحصص والإستجداء لم تعد
تنفع التكاتف ضروري كي لا يقع الهيكل فوق رؤوس الجميع.